Senin, 13 Oktober 2014

حكم تارك الصلاة

حكم تارك الصلاة

اسم الكتاب: نيل الأوطار
المؤلف: محمد بن علي بن محمد الشوكاني
الجزء : 1 - الصفحة : 369

عن جابر قال : ( قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة ) - رواه الجماعة إلا البخاري والنسائي
الحديث يدل على أن ترك الصلاة من موجبات الكفر ولا خلاف بين المسلمين في كفر من ترك الصلاة منكرا لوجوبها إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام أو لم يخالط المسلمين مدة يبلغه فيها وجوب الصلاة
 وإن كان تركه لها تكاسلا مع اعتقاده لوجوبها كما هو حال كثير من الناس فقد اختلف الناس في ذلك
 فذهبت العترة والجماهير من السلف والخلف منهم مالك والشافعي إلى أنه لا يكفر بل يفسق فإن تاب وإلا قتلناه حدا كالزاني المحصن ولكنه يقتل بالسيف
وذهب جماعة من السلف إلى أنه يكفر وهو مروي عن علي بن أبي طالب عليه السلام وهو إحدى الروايتين عن أحمد بن حنبل وبه قال عبد الله بن المبارك وإسحاق بن راهويه وهو وجه لبعض أصحاب الشافعي
وذهب أبو حنيفة وجماعة من أهل الكوفة والمزني صاحب الشافعي إلى أنه لا يكفر ولا يقتل بل يعزر ويحبس حتى يصلي

1- احتج الأولون على عدم كفره بقول الله عز و جل { إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } وبما سيأتي في الباب الذي بعد هذا من الأدلة واحتجوا على قتله بقوله تعالى { فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة [ ص 370 ] فخلوا سبيلهم } وبقوله صلى الله عليه و سلم ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها ) الحديث متفق عليه . وتأولوا قوله صلى الله عليه و سلم : ( بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة ) وسائر أحاديث الباب على أنه مستحق بترك الصلاة عقوبة الكافر وهي القتل أو أنه محمول على المستحل أو على أنه قد يؤول به إلى الكفر أو على أن فعله فعل الكفار
2-  واحتج أهل القول الثاني بأحاديث الباب
3-  واحتج أهل القول الثالث على عدم الكفر بما احتج به أهل القول الأول وعلى عدم القتل بحديث : ( لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث ) وليس فيه الصلاة

ترجيح المصنف

والحق أنه كافر يقتل
أما كفره  فلأن الأحاديث قد صحت أن الشارع سمى تارك الصلاة بذلك الاسم وجعل الحائل بين الرجل وبين جواز إطلاق هذا الاسم عليه هو الصلاة فتركها مقتض لجواز الإطلاق ولا يلزمنا شيء من المعارضات التي أوردها الأولون لأنا نقول لا يمنع أن يكون بعض أنواع الكفر غير مانع من المغفرة واستحقاق الشفاعة ككفر أهل القبلة ببعض الذنوب التي سماها الشارع كفرا فلا ملجئ إلى التأويلات التي وقع الناس في مضيقها ( 1 ) وأما أنه يقتل فلأن حديث : ( أمرت أن أقاتل الناس ) يقضي بوجوب القتل لاستلزام المقاتلة له وكذلك سائر الأدلة المذكورة في الباب الأول ولا أوضح من دلالتها على المطلوب [ ص 371 ] وقد شرط الله في القرآن التخلية بالتوبة وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة فقال { فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم } فلا يخلى من لم يقم الصلاة
وفي صحيح مسلم ( سيكون عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون فمن أنكر فقد برئ عنقه ومن كره فقد سلم ولكن من رضي وتابع فقالوا : ألا نقاتلهم قال : لا ما صلوا ) فجعل الصلاة هي المانعة من مقاتلة أمراء الجور . وكذلك قوله لخالد في الحديث السابق ( لعله يصلي ) فجعل المانع من القتل نفس الصلاة
وحديث ( لا يحل دم امرئ مسلم ) لا يعارض مفهومه المنطوقات الصحيحة الصريحة . والمراد بقوله في حديث الباب ( بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة ) كما قال النووي إن الذي يمنع من كفره كونه لم يترك الصلاة فإن تركها لم يبق بينه وبين الكفر حائل . وفي لفظ مسلم ( بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة )
ومن الأحاديث الدالة على الكفر حديث الربيع بن أنس عن أنس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( من ترك الصلاة متعمدا فقد كفر جهارا ) ذكره الحافظ في التلخيص وقال : سئل الدارقطني عنه فقال : رواه أبو النضر عن أبي جعفر عن الربيع موصولا وخالفه علي بن الجعد فرواه عن أبي جعفر عن الربيع مرسلا وهو أشبه بالصواب . وأخرجه البزار من حديث أبي الدرداء بدون قوله ( جهارا ) وأخرج ابن حبان في الضعفاء من حديث أبي هريرة مرفوعا ( تارك الصلاة كافر ) واستنكره . ورواه أبو نعيم من حديث أبي سعيد وفيه عطية وإسماعيل بن يحيى وهما ضعيفان  قال العراقي : لم يصح من أحاديث الباب إلا حديث جابر المذكور .

( من ترك الصلاة فقد كفر ) فيكون مؤولا على المستحل أو المراد كفر النعمة لا كفر الملة ، فإن أراد حقيقة الكفر من غير تأويل فباطل لأن مذهب أهل السنة أنه لا يكفر أحد بذنب

إعانة الطالبين
المؤلف: البكري الدمياطي
الجزء : 1 - الصفحة : 30
واعلم أن الفقهاء اختلفوا في موضع ذكر حكم تارك الصلاة، فمنهم من ذكره عقب فصل المرتد، لمناسبته له من جهة أنه يكون حكمه حكم المرتد إذا تركها جاحدا لوجوبها. ومنهم من ذكره عقب الجنائز، لمناسبته لها من جهة أنه إذا قتل يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين، إن كان تركها كسلا.

اسم الكتاب: الكبائر
المؤلف: الذهبي
الجزء : 1 - الصفحة : 6
وقد اختلف العلماء رحمهم الله في حكم تارك الصلاة فقال مالك والشافعي وأحمد رحمهم الله: تارك الصلاة يقتل ضرباً بالسيف في رقبته ثم اختلفوا في كفره إذا تركها من غير عذر حتى يخرج وقتها فقال إبراهيم النخعي وأيوب السختياني وعبد الله بن المبارك وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه: هو كافر واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر " . وبقوله صلى الله عليه وسلم: " بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة "

بغية المسترشدين ص 92
(
مسئلة ب) وَيَجِبُ تَجْهِيْزُ كُلِّ مُسْلِمٍ مَحْكُوْمٍ بِإِسْلاَمِهِ وَاِنْ فَحِشَتْ ذُنُوْبُهُ وَكَانَ تَارِكًا لِلصَّلاَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ غَيْرِ جُحُوْدٍ وَيَأْ ثَمُ كُلُّ مَنْ عَلِمَ بِهِ لَوْقَصَّرَ فىِ ذَالِكَ لأَِنَّ لاَ اِلهَ اِلاَّ الله وِقَايَةٌ لَهُ مِنَ الْخُلُوْدِ فىِ النَّارِ هَذاَ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرِ وَاَمَّا بَاطِنًا فَمَحَلُّ ذَالِكَ حَيْثُ حَسُنَتِ الْخَاتِمَةُ بِالْمَوْتِ عَلَى الْيَقِيْنِ وَالثَّابَتِ عَلَى الدِّيْنِ فَاْلأَعْمَالُ عُنْوَانٌ

فتح القريب
(
والثانى أَنْ يَتْرُكَهَا كَسْلاً) حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا حَالَ كَونِهِ (مُعْتَقِدًا لِوُجُوبِهَا فَيُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَصَلَّى) وَهُوَ تَفْسِيْرٌ لِلتَّوبَةِ (وإِلاَّ) وَإِنْ لَمْ يَتُبْ (قُتِلَ حَدًّا) لاَكُفْرًا (وَكَانَ حُكْمُ المُسْلِمِيْنَ) فِى الدَّفْنِ فِى مَقَابِرِهِمْ وَلاَ يُكْمَسُ قَبْرُهُ وَلَهُ حُكْمُ المُسْلِمِيْنَ أَيْضًا فِى الغُسْلِ وَالتَّكْفِيْنِ وَالصَّلاَةِ عَلَيْهِ.

بداية المجتهد 1 / 90
--( بداية المجتهد 1/ 115 طبعة المكتبة الأزهرية للتراث )--
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ [ حُكْمُ تَارِكِ الصَّلاةِ ] وَأَمَّا مَا الْوَاجِبُ عَلَى مَنْ تَرَكَهَا عَمْدًا ، وَأُمِرَ بِهَا فَأَبَى أَنْ يُصَلِّيَهَا لا جُحُودًا لِفَرْضِهَا ، فَإِنَّ قَوْمًا قَالُوا : يُقْتَلُ ، وَقَوْمًا قَالُوا : يُعَزَّرُ وَيُحْبَسُ ، وَالَّذِينَ قَالُوا يُقْتَلُ مِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَ قَتْلَهُ كُفْرًا ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَابْنِ الْمُبَارَكِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَهُ حَدًّا ، وَهُوَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ ، وَأَصْحَابُهُ ، وَأَهْلُ الظَّاهِرِ مِمَّنْ رَأَى حَبْسَهُ وَتَعْزِيرَهُ حَتَّى يُصَلِّيَ . وَالسَّبَبُ فِي هَذَا الاخْتِلافِ اخْتِلافُ الآثَارِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ ثَبَتَ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - أَنَّهُ قَالَ : " [ لا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلا بِإِحْدَى ثَلاثٍ : كُفْرٍ بَعْدَ إِيمَانٍ ، أَوْ زِنًا بَعْدَ إِحْصَانٍ ، أَوْ قَتْلِ نَفْسٍ بِغَيْرِ نَفْسٍ ] " وَرُوِيَ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ أَنَّهُ قَالَ : " [ الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلاةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ ] " وَحَدِيثِ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ : " [ لَيْسَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ ( أَوْ قَالَ الشِّرْكِ ) إِلا تَرْكُ الصَّلاةِ ] " فَمَنْ فَهِمَ مِنَ الْكُفْرِ هَهُنَا الْكُفْرَ الْحَقِيقِيَّ جَعَلَ هَذَا الْحَدِيثَ كَأَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - : " [ كُفْرٍ بَعْدَ إِيمَانٍ ] " وَمِنْ فَهِمَ هَهُنَا التَّغْلِيظَ وَالتَّوْبِيخَ أَيْ أَنَّ أَفْعَالَهُ أَفْعَالُ كَافِرٍ ، وَأَنَّهُ فِي صُورَةِ كَافِرٍ كَمَا قَالَ : " [ لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ ، وَلا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ ] " لَمْ يَرَ قَتْلَهُ كُفْرًا . وَأَمَّا مَنْ قَالَ يُقْتَلُ حَدًّا فَضَعِيفٌ ، وَلا مُسْتَنَدَ لَهُ إِلا قِيَاسٌ شِبْهُ ضَعِيفٍ إِنْ أَمْكَنَ ، وَهُوَ تَشْبِيهُ الصَّلاةِ بِالْقَتْلِ فِي كَوْنِ الصَّلاةِ رَأَسَ الْمَأْمُورَاتِ ، وَالْقَتْلُ رَأْسَ الْمَنْهِيَّاتِ . وَعَلَى الْجُمْلَةِ فَاسْمُ الْكُفْرِ إِنَّمَا يَنْطَلِقُ بِالْحَقِيقَةِ عَلَى التَّكْذِيبِ ، وَتَارِكُ الصَّلاةِ مَعْلُومٌ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُكَذِّبٍ إِلا أَنْ يَتْرُكَهَا مُعْتَقِدًا لِتَرْكِهَا هَكَذَا ، فَنَحْنُ إِذَنْ بَيْنَ أَحَدِ أَمْرَيْنِ : إِمَّا إِنْ أَرَدْنَا أَنْ نَفْهَمَ مِنَ الْحَدِيثِ الْكُفْرَ الْحَقِيقِيَّ يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَتَأَوَّلَ أَنَّهُ أَرَادَ - عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - مَنْ تَرَكَ الصَّلاةَ مُعْتَقِدًا لِتَرْكِهَا فَقَدْ كَفَرَ ، وَإِمَّا أَنْ يُحْمَلَ اسْمُ الْكُفْرِ عَلَى غَيْرِ مَوْضُوعِهِ الأَوَّلِ ، وَذَلِكَ عَلَى أَحَدِ مَعْنَيَيْنِ : إِمَّا عَلَى أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْكَافِرِ ( أَعْنِي : فِي الْقَتْلِ وَسَائِرِ أَحْكَامِ الْكُفَّارِ ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكَذِّبًا ، وَإِمَّا عَلَى أَنَّ أَفْعَالَهُ أَفْعَالُ كَافِرٍ عَلَى جِهَةِ التَّغْلِيظِ وَالرَّدْعِ لَهُ : أَيْ أَنَّ فَاعِلَ هَذَا يُشْبِهُ الْكَافِرَ فِي الأَفْعَالِ ، إِذْ كَانَ الْكَافِرُ لا يُصَلِّي كَمَا قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - : " [ لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ ] " وَحَمْلُهُ عَلَى أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْكَافِرِ فِي أَحْكَامِهِ لا يَجِبُ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ إِلا بِدَلِيلٍ ; لأَنَّهُ حُكْمٌ لَمْ يَثْبُتْ بَعْدُ فِي الشَّرْعِ مِنْ طَرِيقٍ يَجِبُ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ ، فَقَدْ يَجِبُ إِذَا لَمْ يَدُلَّ عِنْدَنَا عَلَى الْكُفْرِ الْحَقِيقِيِّ الَّذِي هُوَ التَّكْذِيبُ أَنْ يَدُلَّ عَلَى الْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ لا عَلَى مَعْنًى يُوجِبُ حُكْمًا لَمْ يَثْبُتْ بَعْدُ فِي الشَّرْعِ بَلْ يَثْبُتُ ضِدُّهُ ، وَهُوَ أَنَّهُ لا يَحِلُّ دَمُهُ إِذْ هُوَ خَارِجٌ عَنِ الثَّلاثَةِ الَّذِينَ نَصَّ عَلَيْهِمُ الشَّرْعُ فَتَأَمَّلْ هَذَا ، فَإِنَّهُ بَيِّنٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ . ( أَعْنِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْنَا أَحَدُ أَمْرَيْنِ : إِمَّا أَنْ نُقَدِّرَ فِي الْكَلامِ مَحْذُوفًا إِنْ أَرَدْنَا حَمْلَهُ عَلَى الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ الْمَفْهُومِ مِنِ اسْمِ الْكُفْرِ ، وَإِمَّا أَنْ نَحْمِلَهُ عَلَى الْمَعْنَى الْمُسْتَعَارِ ، وَأَمَّا حَمْلُهُ عَلَى أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْكَافِرِ فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهِ مَعَ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ فَشَيْءٌ مُفَارِقٌ لِلأُصُولِ ، مَعَ أَنَّ الْحَدِيثَ نَصٌّ فِي حَقِّ مَنْ يَجِبُ قَتْلُهُ كُفْرًا أَوْ حَدًّا ، وَلِذَلِكَ صَارَ هَذَا الْقَوْلُ مُضَاهِيًا لِقَوْلِ مَنْ يُكَفِّرُ بِالذُّنُوبِ .

ومنهاج الطالبين 3 / 16 ـ 17
-( حاشيتا قليوبي وعميرة علي شرح المحلي 3 / 16 ط عيسى الحلبي )-
( منهاج الطالبين )
بَابٌ إنْ تَرَكَ الصَّلاةَ جَاحِدًا وُجُوبَهَا كَفَرَ , أَوْ كَسَلا قُتِلَ حَدًّا , وَالصَّحِيحُ قَتْلُهُ بِصَلاةٍ فَقَطْ بِشَرْطِ إخْرَاجِهَا عَنْ وَقْتِ الضَّرُورَةِ , وَيُسْتَتَابُ ثُمَّ تُضْرَبُ عُنُقُهُ , وَقِيلَ : يُنْخَسُ بِحَدِيدَةٍ حَتَّى يُصَلِّيَ أَوْ يَمُوتَ , وَيُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْفَنُ مَعَ الْمُسْلِمِينَ وَلا يُطْمَسُ قَبْرُهُ .
-----------
( شرح المحلي )
بَابٌ بِالتَّنْوِينِ ( إنْ تَرَكَ ) الْمُكَلَّفُ . ( الصَّلاةَ ) الْمَعْهُودَةَ الصَّادِقَةَ بِإِحْدَى الْخَمْسِ . ( جَاحِدًا وُجُوبَهَا ) بِأَنْ أَنْكَرَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهِ . ( كَفَرَ ) لإِنْكَارِهِ مَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ فَيَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الْمُرْتَدِّ بِخِلافِ مَنْ أَنْكَرَهُ لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالإِسْلامِ لِجَوَازِ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ فَلَمْ يَعْلَمْهُ ( أَوْ ) تَرَكَهَا ( كَسَلا قُتِلَ حَدًّا ) لا كُفْرًا , قَالَ صلى الله عليه وسلم : { أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لا إلَهَ إلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ } الْحَدِيثَ , رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَقَالَ : { خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ فَمَنْ جَاءَ بِهِنَّ فَلَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ , وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ إنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ } . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ , { وَلا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ كَافِرٌ } . ( وَالصَّحِيحُ قَتْلُهُ بِصَلاةٍ فَقَطْ ) لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ ( بِشَرْطِ إخْرَاجِهَا عَنْ وَقْتِ الضَّرُورَةِ ) فِيمَا لَهَا وَقْتُ ضَرُورَةٍ بِأَنْ تُجْمَعَ مَعَ الثَّانِيَةِ فِي وَقْتِهَا فَلا يُقْتَلُ بِتَرْكِ الظُّهْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ , وَلا بِتَرْكِ الْمَغْرِبِ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ , وَيُقْتَلُ فِي الصُّبْحِ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ وَفِي الْعَصْرِ بِغُرُوبِهَا , وَفِي الْعِشَاءِ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ , قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ كَالشَّرْحِ : فَيُطَالَبُ بِأَدَائِهَا إذَا ضَاقَ وَقْتُهَا وَيُتَوَعَّدُ بِالْقَتْلِ إنْ أَخْرَجَهَا عَنْ الْوَقْتِ فَإِنْ أَصَرَّ وَأَخْرَجَ اسْتَوْجَبَ الْقَتْلَ , وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ أَوْجَهُ إنَّمَا يُقْتَلُ إذَا ضَاقَ وَقْتُ الثَّانِيَةِ , وَامْتَنَعَ مِنْ أَدَائِهَا إذَا ضَاقَ وَقْتُ الرَّابِعَةِ , وَامْتَنَعَ مِنْ أَدَائِهَا إذَا تَرَكَ أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ , وَامْتَنَعَ عَنْ الْقَضَاءِ إذَا تَرَكَ قَدْرًا يَظْهَرُ بِهِ لَنَا اعْتِيَادُهُ لِلتَّرْكِ . ( وَيُسْتَتَابُ ) عَلَى الْكُلِّ قَبْلَ الْقَتْلِ وَتَكْفِي الاسْتِتَابَةُ فِي الْحَالِ , وَفِي قَوْلٍ : يُمْهَلُ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ , وَهُمَا فِي الاسْتِحْبَابِ , وَقِيلَ فِي الْوُجُوبِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الاسْتِتَابَةَ فِي الْحَالِ أَوْ بَعْدَ الثَّلاثَةِ مُسْتَحَبَّةٌ , وَقِيلَ وَاجِبَةٌ . ( ثُمَّ يُضْرَبُ عُنُقُهُ ) بِالسَّيْفِ إنْ لَمْ يَتُبْ ( وَقِيلَ : يُنْخَسُ بِحَدِيدَةٍ حَتَّى يُصَلِّيَ أَوْ يَمُوتَ ) وَقِيلَ : يُضْرَبُ بِالْخَشَبِ حَتَّى يُصَلِّيَ أَوْ يَمُوتَ ( وَيُغَسَّلُ ) وَيُكَفَّنُ ( وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْفَنُ مَعَ الْمُسْلِمِينَ , وَلا يُطْمَسُ قَبْرُهُ ) وَقِيلَ : لا يُغَسَّلُ وَلا يُكَفَّنُ وَلا يُصَلَّى عَلَيْهِ , وَإِذَا دُفِنَ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ طُمِسَ قَبْرُهُ حَتَّى يُنْسَى وَلا يُذْكَرَ

--( أسنى المطالب شرح روض الطالب 1 / 336 ط دار الكتاب الإسلامي )--
( أسنى المطالب )
( بَابُ تَارِكِ الصَّلاةِ ) الْمَفْرُوضَةِ عَلَى الأَعْيَانِ أَصَالَةً جَحْدًا أَوْ غَيْرَهُ وَقَدَّمَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى الْجَنَائِزِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَعَلَّهُ أَلْيَقُ ( فَالْجَاحِدُ لِوُجُوبِهَا ) , وَإِنْ أَتَى بِهَا ( مُرْتَدٌّ ) لإِنْكَارِهِ مَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ وَتَعْبِيرُهُ بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِتَرْكِهَا جَحْدًا ( إلا جَاهِلٌ ) نَفَى ذَلِكَ ( لِقُرْبِ عَهْدٍ ) بِالإِسْلامِ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّنْ يَجُوزُ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ فَلَيْسَ مُرْتَدًّا بَلْ يَعْرِفُ الْوُجُوبَ فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى الْجَحْدِ صَارَ مُرْتَدًّا وَالْجُحُودُ إنْكَارُ مَا اعْتَرَفَ بِهِ الْمُنْكِرُ فَخَرَجَ بِهِ الْجَاهِلُ لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالإِسْلامِ أَوْ نَحْوُهُ كَنَشْئِهِ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ فَلا حَاجَةَ لِلاسْتِثْنَاءِ الْمَذْكُورِ مَعَ أَنَّهُ قَاصِرٌ عَنْ تَمَامِ الْغَرَضِ وَجَاهِلٌ مَرْفُوعٌ بِالابْتِدَاءِ وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ كَمَا قِيلَ بِهِ فِي قوله تعالى { ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إلا قَلِيلٌ } عَلَى قِرَاءَةِ الرَّفْعِ وَفِي نُسْخَةٍ لا جَاهِلٌ , وَهِيَ أَحْسَنُ ( وَسَيَأْتِي حُكْمُ الْمُرْتَدِّ ) فِي بَابِهِ ( وَمَنْ تَرَكَهَا غَيْرَ جَاحِدٍ بِلا عُذْرٍ وَلَوْ صَلاةً وَاحِدَةً أَوْ جُمُعَةً وَلَوْ قَالَ ) فِي الْجُمُعَةِ ( أُصَلِّيهَا ظُهْرًا أَوْ ) تَرَكَ ( وُضُوءً لَهَا ) أَيْ لِلصَّلاةِ الْمَفْرُوضَةِ ( قُتِلَ بِالسَّيْفِ حَدًّا ) لا كُفْرًا . قَالُوا أَمَّا فِي تَرْكِ الصَّلاةِ ; فَلأَنَّهُ تَعَالَى أَمَرَ بِقَتْلِ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ قَالَ { فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ } وَقَالَ صلى الله عليه وسلم { أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لا إلَهَ إلا اللَّهُ , وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ فَقَدْ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلا بِحَقِّ الإِسْلامِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ } رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَقَالَ : { خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ فَمَنْ جَاءَ بِهِنَّ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ إنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ , وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ فَلَوْ كَفَرَ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ الْمَشِيئَةِ , وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ { بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلاةِ } فَمَحْمُولٌ عَلَى تَرْكِهَا جَحْدًا أَوْ عَلَى التَّغْلِيظِ أَوْ الْمُرَادُ بَيْنَ مَا يُوجِبُهُ الْكُفْرُ مِنْ وُجُوبِ الْقَتْلِ جَمْعًا بَيْنَ الأَدِلَّةِ , وَأَمَّا الْوُضُوءُ ; فَلأَنَّهُ تَرْكٌ لِلصَّلاةِ , وَإِنَّمَا قُتِلَ بِتَرْكِ الْجُمُعَةِ , وَإِنْ قَالَ أُصَلِّيهَا ظُهْرًا لَتَرَكَهَا بِلا قَضَاءٍ إذْ الظُّهْرُ لَيْسَ قَضَاءً عَنْهَا , وَيُقَاسُ بِالْوُضُوءِ الأَرْكَانُ وَسَائِرُ الشُّرُوطِ وَصَرَّحَ فِي الْبَيَانِ بِبَعْضِهَا فَقَالَ لَوْ صَلَّى عُرْيَانًا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى السُّتْرَةِ أَوْ الْفَرِيضَةِ قَاعِدًا بِلا عُذْرٍ قُتِلَ . وَمَحَلُّهُ فِيمَا لا خِلافَ فِيهِ أَوْ فِيهِ خِلافٌ رَوَاهُ خِلافَ الْقَوِيِّ فَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ لَوْ تَرَكَ فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ الصَّلاةَ مُتَعَمِّدًا أَوْ مَسَّ شَافِعِيٌّ الذَّكَرَ أَوْ لَمَسَ الْمَرْأَةَ أَوْ تَوَضَّأَ وَلَمْ يَنْوِ وَصَلَّى مُتَعَمِّدًا لا يُقْتَلُ ; لأَنَّ جَوَازَ صَلاتِهِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ , وَإِنَّمَا يُقْتَلُ بِتَرْكِ الصَّلاةِ ( إذَا أَخْرَجَهَا عَنْ وَقْتِ الضَّرُورَةِ ) فِيمَا لَهُ وَقْتُ ضَرُورَةٍ بِأَنْ يَجْمَعَ مَعَ الثَّانِيَةِ فِي وَقْتِهَا فَلا يُقْتَلُ بِتَرْكِ الظُّهْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَلا بِتَرْكِ الْمَغْرِبِ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ وَيُقْتَلُ فِي الصُّبْحِ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ وَفِي الْعَصْرِ بِغُرُوبِهَا وَفِي الْعِشَاءِ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ فَيُطَالَبُ بِأَدَائِهَا إذَا ضَاقَ وَقْتُهَا وَيُتَوَعَّدُ بِالْقَتْلِ إنْ أَخْرَجَهَا عَنْ الْوَقْتِ فَإِنْ أَصَرَّ وَأَخْرَجَ اسْتَوْجَبَ الْقَتْلَ فَقَوْلُ الرَّوْضَةِ يُقْتَلُ بِتَرْكِهَا إذَا ضَاقَ وَقْتُهَا مَحْمُولٌ عَلَى مُقَدِّمَاتِ الْقَتْلِ بِقَرِينَةِ كَلامِهَا بَعْدُ وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ لا يُقْتَلُ بَلْ يُعَزَّرُ

والمغني لابن قدامة 2 / 442
--- ( المغني لابن قدامة 2 / 329 ط مكتبة القاهرة ) ---
بَابُ الْحُكْمِ فِي مَنْ تَرَكَ الصَّلاةَ
مَسْأَلَةٌ ; قَالَ : ( وَمَنْ تَرَكَ الصَّلاةَ , وَهُوَ بَالِغٌ عَاقِلٌ , جَاحِدًا لَهَا , أَوْ غَيْرَ جَاحِدٍ , دُعِيَ إلَيْهَا فِي وَقْتِ كُلِّ صَلاةٍ , ثَلاثَةَ أَيَّامٍ , فَإِنْ صَلَّى , وَإِلا قُتِلَ ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ تَارِكَ الصَّلاةِ لا يَخْلُو ; إمَّا أَنْ يَكُونَ جَاحِدًا لِوُجُوبِهَا , أَوْ غَيْرَ جَاحِدٍ , فَإِنْ كَانَ جَاحِدًا لِوُجُوبِهَا نُظِرَ فِيهِ , فَإِنْ كَانَ جَاهِلا بِهِ , وَهُوَ مِمَّنْ يَجْهَلُ ذَلِكَ , كَالْحَدِيثِ الإِسْلامِ , وَالنَّاشِئِ بِبَادِيَةٍ , عُرِّفَ وُجُوبَهَا , وَعُلِّمَ ذَلِكَ , وَلَمْ يُحْكَمْ بِكُفْرِهِ ; لأَنَّهُ مَعْذُورٌ . وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَجْهَلُ ذَلِكَ , كَالنَّاشِئِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي الأَمْصَارِ وَالْقُرَى , لَمْ يُعْذَرْ , وَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ ادِّعَاءُ الْجَهْلِ , وَحُكِمَ بِكُفْرِهِ ; لأَنَّ أَدِلَّةَ الْوُجُوبِ ظَاهِرَةٌ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ , وَالْمُسْلِمُونَ يَفْعَلُونَهَا عَلَى الدَّوَامِ , فَلا يَخْفَى وُجُوبُهَا عَلَى مَنْ هَذَا حَالُهُ , فَلا يَجْحَدُهَا إلا تَكْذِيبًا لِلَّهِ تَعَالَى وَلِرَسُولِهِ وَإِجْمَاعِ الأُمَّةِ , وَهَذَا يَصِيرُ مُرْتَدًّا عَنْ الإِسْلامِ , وَحُكْمُهُ حُكْمُ سَائِرِ الْمُرْتَدِّينَ , فِي الاسْتِتَابَةِ وَالْقَتْلِ , وَلا أَعْلَمُ فِي هَذَا خِلافًا . وَإِنْ تَرَكَهَا لِمَرَضٍ , أَوْ عَجْزٍ عَنْ أَرْكَانِهَا وَشُرُوطِهَا , قِيلَ لَهُ : إنَّ ذَلِكَ لا يُسْقِطُ الصَّلاةَ , وَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى حَسَبِ طَاقَتِهِ . وَإِنْ تَرَكَهَا تَهَاوُنًا أَوْ كَسَلا , دُعِيَ إلَى فِعْلِهَا , وَقِيلَ لَهُ : إنْ صَلَّيْت , وَإِلا قَتَلْنَاكَ . فَإِنْ صَلَّى , وَإِلا وَجَبَ قَتْلُهُ . وَلا يُقْتَلُ حَتَّى يُحْبَسَ ثَلاثًا , وَيُضَيَّقَ عَلَيْهِ فِيهَا , وَيُدْعَى فِي وَقْتِ كُلِّ صَلاةٍ إلَى فِعْلِهَا , وَيُخَوَّفَ بِالْقَتْلِ , فَإِنْ صَلَّى , وَإِلا قُتِلَ بِالسَّيْفِ . وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ , وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ , وَوَكِيعٌ وَالشَّافِعِيُّ . وَقَالَ الزُّهْرِيُّ : يُضْرَبُ وَيُسْجَنُ . وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ , قَالَ : وَلا يُقْتَلُ ; لأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ { : لا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلا بِإِحْدَى ثَلاثٍ : كُفْرٍ بَعْدَ إيمَانٍ , أَوْ زِنًا بَعْدَ إحْصَانٍ , أَوْ قَتْلِ نَفْسٍ بِغَيْرِ حَقٍّ } . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . وَهَذَا لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ أَحَدُ الثَّلاثَةِ . فَلا يَحِلُّ دَمُهُ . وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم { : أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لا إلَهَ إلا اللَّهُ , فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلا بِحَقِّهَا } . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . وَلأَنَّهُ فَرْعٌ مِنْ فُرُوعِ الدِّينِ . فَلا يُقْتَلُ بِتَرْكِهِ كَالْحَجِّ , وَلأَنَّ الْقَتْلَ لَوْ شُرِعَ لَشُرِعَ زَجْرًا عَنْ تَرْكِ الصَّلاةِ , وَلا يَجُوزُ شَرْعُ زَاجِرٍ تَحَقَّقَ الْمَزْجُورُ عَنْهُ , وَالْقَتْلُ يَمْنَعُ فِعْلَ الصَّلاةِ دَائِمًا , فَلا يُشْرَعُ , وَلأَنَّ الأَصْلَ تَحْرِيمُ الدَّمِ , فَلا تَثْبُتُ الإِبَاحَةُ إلا بِنَصٍّ أَوْ مَعْنَى نَصٍّ . وَالأَصْلُ عَدَمُهُ . وَلَنَا , قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى : { فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ } إلَى قَوْله : { فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ } . فَأَبَاحَ قَتْلَهُمْ , وَشَرَطَ فِي تَخْلِيَةِ سَبِيلِهِمْ التَّوْبَةَ , وَهِيَ الإِسْلامُ , وَإِقَامُ الصَّلاةِ , وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ , فَمَتَى تَرَكَ الصَّلاةَ مُتَعَمِّدًا لَمْ يَأْتِ بِشَرْطِ تَخْلِيَتِهِ , فَيَبْقَى عَلَى وُجُوبِ الْقَتْلِ , وَقَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم { : مَنْ تَرَكَ الصَّلاةَ مُتَعَمِّدًا فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ } . وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى إبَاحَةِ قَتْلِهِ , وَقَالَ عليه السلام { : بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلاةِ } . رَوَاهُ مُسْلِمٌ . وَالْكُفْرُ مُبِيحٌ لِلْقَتْلِ , وَقَالَ عليه السلام { : نُهِيتُ عَنْ قَتْلِ الْمُصَلِّينَ } . فَمَفْهُومُهُ أَنَّ غَيْرَ الْمُصَلِّينَ يُبَاحُ قَتْلُهُمْ . وَلأَنَّهَا رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الإِسْلامِ لا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ بِنَفْسٍ وَلا مَالٍ , فَوَجَبَ أَنْ يُقْتَلَ تَارِكُهُ كَالشَّهَادَةِ , وَحَدِيثُهُمْ حُجَّةٌ لَنَا ; لأَنَّ الْخَبَرَ الَّذِي رَوَيْنَاهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَرْكَهَا كُفْرٌ , وَالْحَدِيثُ الآخَرُ اسْتَثْنَى مِنْهُ { إلا بِحَقِّهَا } . وَالصَّلاةُ مِنْ حَقِّهَا . وَعَنْ أَنَسٍ , قَالَ : قَالَ أَبُو بَكْرٍ : إنَّمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : { إذَا شَهِدُوا أَنْ لا إلَهَ إلا اللَّهُ , وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ , وَأَقَامُوا الصَّلاةَ , وَآتَوْا الزَّكَاةَ . } رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ . ثُمَّ إنَّ أَحَادِيثَنَا خَاصَّةٌ , فَنَخُصُّ بِهَا عُمُومَ مَا ذَكَرُوهُ , وَلا يَصِحُّ قِيَاسُهَا عَلَى الْحَجِّ ; لأَنَّ الْحَجَّ مُخْتَلَفٌ فِي جَوَازِ تَأْخِيرِهِ , وَلا يَجِبُ الْقَتْلُ بِفِعْلٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ . وَقَوْلُهُمْ : إنَّ هَذَا يُفْضِي إلَى تَرْكِ الصَّلاةِ بِالْكُلِّيَّةِ . قُلْنَا : الظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يُقْتَلُ إنْ تَرَكَ الصَّلاةَ لا يَتْرُكُهَا , سِيَّمَا بَعْدَ اسْتِتَابَتِهِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ , فَإِنْ تَرَكَهَا بَعْدَ هَذَا كَانَ مَيْئُوسًا مِنْ صَلاتِهِ , فَلا فَائِدَةَ فِي بَقَائِهِ , وَلا يَكُونُ الْقَتْلُ هُوَ الْمُفَوِّتُ لَهُ , ثُمَّ لَوْ فَاتَ بِهِ احْتِمَالُ الصَّلاةِ , لَحَصَلَ بِهِ صَلاةُ أَلْفِ إنْسَانٍ , وَتَحْصِيلُ ذَلِكَ بِتَفْوِيتِ احْتِمَالِ صَلاةٍ وَاحِدَةٍ لا يُخَالِفُ الأَصْلَ . إذَا ثَبَتَ هَذَا فَظَاهِرُ كَلامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّهُ يَجِبُ قَتْلُهُ بِتَرْكِ صَلاةٍ وَاحِدَةٍ , وَهِيَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ ; لأَنَّهُ تَارِكٌ لِلصَّلاةِ , فَلَزِمَ قَتْلُهُ , كَتَارِكِ ثَلاثٍ , وَلأَنَّ الأَخْبَارَ تَتَنَاوَلُ تَارِكَ صَلاةٍ وَاحِدَةٍ , لَكِنْ لا يَثْبُتُ الْوُجُوبُ حَتَّى يَضِيقَ وَقْتُ الَّتِي بَعْدَهَا ; لأَنَّ الأُولَى لا يُعْلَمُ تَرْكُهَا إلا بِفَوَاتِ وَقْتِهَا , فَتَصِيرُ فَائِتَةً لا يَجِبُ الْقَتْلُ بِفَوَاتِهَا , فَإِذَا ضَاقَ وَقْتُهَا عُلِمَ أَنَّهُ يُرِيدُ تَرْكَهَا , فَوَجَبَ قَتْلُهُ . وَالثَّانِيَةُ : لا يَجِبُ قَتْلُهُ حَتَّى يَتْرُكَ ثَلاثَ صَلَوَاتٍ , وَيَضِيقَ وَقْتُ الرَّابِعَةِ عَنْ فِعْلِهَا ; لأَنَّهُ قَدْ يَتْرُكُ الصَّلاةَ وَالصَّلاتَيْنِ لِشُبْهَةٍ , فَإِذَا تَكَرَّرَ ذَلِكَ ثَلاثًا . تَحَقَّقَ أَنَّهُ تَارِكٌ لَهَا رَغْبَةً عَنْهَا , وَيُعْتَبَرُ أَنْ يَضِيقَ وَقْتُ الرَّابِعَة عَنْ فِعْلِهَا ; لِمَا ذَكَرْنَا . وَحَكَى ابْنُ حَامِدٍ , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ بْنِ شَاقِلا , أَنَّهُ إنْ تَرَكَ صَلاةً لا تُجْمَعُ إلَى مَا بَعْدَهَا , كَصَلاةِ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ , وَجَبَ قَتْلُهُ , وَإِنْ تَرَكَ الأُولَى مِنْ صَلاتَيْ الْجَمْعِ , لَمْ يَجِبْ قَتْلُهُ ; لأَنَّ الْوَقْتَيْنِ كَالْوَقْتِ الْوَاحِدِ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ . وَهَذَا قَوْلٌ حَسَنٌ . وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ , هَلْ يُقْتَلُ لِكُفْرِهِ , أَوْ حَدًّا ؟ فَرُوِيَ أَنَّهُ يُقْتَلُ لِكُفْرِهِ كَالْمُرْتَدِّ , فَلا يُغَسَّلُ , وَلا يُكَفَّنُ , وَلا يُدْفَنُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ , وَلا يَرِثُهُ أَحَدٌ , وَلا يَرِثُ أَحَدًا , اخْتَارَهَا أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ شَاقِلا وَابْنُ حَامِدٍ , وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَسَنِ , وَالنَّخَعِيِّ , وَالشَّعْبِيِّ , وَأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ , وَالأَوْزَاعِيِّ , وَابْنِ الْمُبَارَكِ وَحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ , وَإِسْحَاقَ , وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ , لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم { : بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلاةِ } . وَفِي لَفْظٍ عَنْ جَابِرٍ , قَالَ : سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : { إنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ تَرْكَ الصَّلاةِ } . وَعَنْ بُرَيْدَةَ , قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم { : بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ تَرْكُ الصَّلاةِ , فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ } رَوَاهُنَّ مُسْلِمٌ وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : { أَوَّلُ مَا تَفْقِدُونَ مِنْ دِينِكُمْ الأَمَانَةُ , وَآخِرُ مَا تَفْقِدُونَ الصَّلاةُ } . قَالَ أَحْمَدُ : كُلُّ شَيْءٍ ذَهَبَ آخِرُهُ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَيْءٌ . وَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه : لا حَظَّ فِي الإِسْلامِ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلاةَ . وَقَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه : مَنْ لَمْ يُصَلِّ فَهُوَ كَافِرٌ . وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ : مَنْ لَمْ يُصَلِّ فَلا دِينَ لَهُ . وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَقِيقٍ : لَمْ يَكُنْ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم يَرَوْنَ شَيْئًا مِنْ الأَعْمَالِ , تَرْكُهُ كُفْرٌ , غَيْرَ الصَّلاةِ . وَلأَنَّهَا عِبَادَةٌ يَدْخُلُ بِهَا فِي الإِسْلامِ , فَيَخْرُجُ بِتَرْكِهَا مِنْهُ كَالشَّهَادَةِ . وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ , يُقْتَلُ حَدًّا , مَعَ الْحُكْمِ بِإِسْلامِهِ , كَالزَّانِي الْمُحْصَنِ , وَهَذَا اخْتِيَارُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَطَّةَ , وَأَنْكَرَ قَوْلَ مَنْ قَالَ : إنَّهُ يَكْفُر . وَذَكَرَ أَنَّ الْمَذْهَبَ عَلَى هَذَا , لَمْ يَجِدْ فِي الْمَذْهَبِ خِلافًا فِيهِ . وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ , وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَمَالِكٍ , وَالشَّافِعِيِّ . وَرُوِيَ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ قَالَ : يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لا يَبْقَى مَعَهُمْ مِنْ الإِسْلامِ إلا قَوْلُ لا إلَهَ إلا اللَّهُ . فَقِيلَ لَهُ : وَمَا يَنْفَعُهُمْ ؟ قَالَ : تُنْجِيهِمْ مِنْ النَّارِ , لا أَبَا لَكَ . وَعَنْ وَالانَ , قَالَ : انْتَهَيْت إلَى دَارِي , فَوَجَدْت شَاةً مَذْبُوحَةً , فَقُلْت : مَنْ ذَبَحَهَا ؟ قَالُوا : غُلامُك . قُلْت : وَاَللَّهِ إنَّ غُلامِي لا يُصَلِّي , فَقَالَ النِّسْوَةُ : نَحْنُ عَلَّمْنَاهُ , يُسَمِّيَ , فَرَجَعْتُ إلَى ابْنِ مَسْعُودٍ , فَسَأَلْته عَنْ ذَلِكَ , فَأَمَرَنِي بِأَكْلِهَا . وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم { : إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ لا إلَهَ إلا اللَّهُ , يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ } . وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ , قَالَ : أَتَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : { مَا مِنْ عَبْدٍ قَالَ لا إلَهَ إلا اللَّهُ , ثُمَّ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ , إلا دَخَلَ الْجَنَّةَ } . وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ , قَالَ : سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول : { مَنْ شَهِدَ أَنْ لا إلَهَ إلا اللَّهُ , وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ , وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ , وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إلَى مَرْيَمَ , وَرُوحٌ مِنْهُ , وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ , وَالنَّارَ حَقٌّ , أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنْ عَمَلٍ } . وَعَنْ أَنَسٍ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم , قَالَ { : يَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لا إلَهَ إلا اللَّهُ , وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مِنْ الْخَيْرِ مَا يَزِنُ بُرَّةً } . مُتَّفَقٌ عَلَى هَذِهِ الأَحَادِيثِ كُلِّهَا , وَمِثْلُهَا كَثِيرٌ . وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ , أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ { : خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعَبْدِ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ , فَمَنْ جَاءَ بِهِنَّ , لَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ , كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ , وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ , فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ , إنْ شَاءَ عَذَّبَهُ , وَإِنْ شَاءَ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ } . وَلَوْ كَانَ كَافِرًا لَمْ يُدْخِلْهُ فِي الْمَشِيئَةِ . وَقَالَ الْخَلالُ , فِي " جَامِعِهِ " : ثنا يَحْيَى , ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ , ثنا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ أَبِي شَمِيلَةَ , { أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ إلَى قُبَاءَ فَاسْتَقْبَلَهُ رَهْطٌ مِنْ الأَنْصَارِ يَحْمِلُونَ جِنَازَةً عَلَى بَابٍ , فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : مَا هَذَا ؟ قَالُوا : مَمْلُوكٌ لآلِ فُلانٍ , كَانَ مِنْ أَمْرِهِ . قَالَ : أَكَانَ يَشْهَدُ أَنْ لا إلَهَ إلا اللَّهُ ؟ قَالُوا : نَعَمْ , وَلَكِنَّهُ كَانَ وَكَانَ . فَقَالَ لَهُمْ : أَمَا كَانَ يُصَلِّي ؟ فَقَالُوا : قَدْ كَانَ يُصَلِّي وَيَدَعُ . فَقَالَ لَهُمْ : ارْجِعُوا بِهِ , فَغَسِّلُوهُ , وَكَفِّنُوهُ , وَصَلُّوا عَلَيْهِ , وَادْفِنُوهُ , وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ , لَقَدْ كَادَتْ الْمَلائِكَةُ تَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ } . وَرَوَى بِإِسْنَادِهِ , عَنْ عَطَاءٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ , قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم { : صَلَّوْا عَلَى مَنْ قَالَ لا إلَهَ إلا اللَّهُ } . وَلأَنَّ ذَلِكَ إجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ , فَإِنَّا لا نَعْلَمُ فِي عَصْرٍ مِنْ الأَعْصَارِ أَحَدًا مِنْ تَارِكِي الصَّلاةِ تُرِكَ تَغْسِيلُهُ , وَالصَّلاةُ عَلَيْهِ , وَدَفْنُهُ فِي مَقَابِر الْمُسْلِمِينَ , وَلا مُنِعَ وَرَثَتُهُ مِيرَاثَهُ , وَلا مُنِعَ هُوَ مِيرَاثَ مُوَرِّثِهِ , وَلا فُرِّقَ بَيْنَ زَوْجَيْنِ لِتَرْكِ الصَّلاةِ مِنْ أَحَدِهِمَا ; مَعَ كَثْرَةِ تَارِكِي الصَّلاةِ , وَلَوْ كَانَ كَافِرًا لَثَبَتَتْ هَذِهِ الأَحْكَامُ كُلُّهَا , وَلا نَعْلَمُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ خِلافًا فِي أَنَّ تَارِكَ الصَّلاةِ يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا , وَلَوْ كَانَ مُرْتَدًّا لَمْ يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ صَلاةٍ وَلا صِيَامٍ . وَأَمَّا الأَحَادِيثُ الْمُتَقَدِّمَةُ فَهِيَ عَلَى سَبِيلِ التَّغْلِيظِ , وَالتَّشْبِيهِ لَهُ بِالْكُفَّارِ , لا عَلَى الْحَقِيقَةِ , كَقَوْلِهِ عليه السلام { : سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ , وَقِتَالُهُ كُفْرٌ } . وَقَوْلِهِ { : كُفْرٌ بِاَللَّهِ تَبَرُّؤٌ مِنْ نَسَبٍ وَإِنْ دَقَّ } . وَقَوْلُهُ { : مَنْ قَالَ لأَخِيهِ يَا كَافِرُ . فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا } . وَقَوْلُهُ { : مَنْ أَتَى حَائِضًا أَوْ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا , فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ } . قَالَ { : وَمَنْ قَالَ : مُطِرْنَا بِنَوْءِ الْكَوَاكِبِ . فَهُوَ كَافِرٌ بِاَللَّهِ , مُؤْمِنٌ بِالْكَوَاكِبِ } . وَقَوْلُهُ { : مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ } . وَقَوْلِهِ { : شَارِبُ الْخَمْرِ كَعَابِدِ وَثَنٍ } . وَأَشْبَاهِ هَذَا مِمَّا أُرِيدَ بِهِ التَّشْدِيدُ فِي الْوَعِيدِ , وَهُوَ أَصْوَبُ الْقَوْلَيْنِ , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
والمجموع للنووي 3 / 16 ـ 17 .
---( المجموع شرح المهذب 3 / 16 - 17 ط دار الفكر )---
( المهذب للشيرازي )
( وَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَامْتَنَعَ مِنْ فِعْلِهَا فَإِنْ كَانَ جَاحِدًا لِوُجُوبِهَا - فَهُوَ كَافِرٌ وَيَجِبُ قَتْلُهُ بِالرِّدَّةِ ; لأَنَّهُ كَذَّبَ اللَّهَ تَعَالَى فِي خَبَرِهِ , وَإِنْ تَرَكَهَا وَهُوَ مُعْتَقِدٌ لِوُجُوبِهَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَتْلُ , وَقَالَ الْمُزَنِيّ يُضْرَبُ وَلا يُقْتَلُ , وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ يُقْتَلُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم : { نُهِيتُ عَنْ قَتْلِ الْمُصَلِّينَ } وَلأَنَّهُ إحْدَى دَعَائِمِ الإِسْلامِ لا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ بِنَفْسٍ وَلا مَالٍ فَيُقْتَلُ بِتَرْكِهَا كَالشَّهَادَتَيْنِ , وَمَتَى يُقْتَلُ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الإِصْطَخْرِيُّ : يُقْتَلُ بِتَرْكِ الصَّلاةِ الرَّابِعَةِ إذَا ضَاقَ وَقْتُهَا فَيُقَالُ لَهُ : إنْ صَلَّيْتَ وَإِلا قَتَلْنَاكَ ; لأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَا دُونَ ذَلِكَ تَرَكَهَا لِعُذْرٍ . وَقَالَ إِسْحَاقُ يُقْتَلُ بِتَرْكِ الصَّلاةِ الثَّانِيَةِ إذَا ضَاقَ وَقْتُهَا , وَيُقَالُ لَهُ : إنْ صَلَّيْتَ وَإِلا قَتَلْنَاكَ وَيُسْتَتَابُ كَمَا يُسْتَتَابُ الْمُرْتَدُّ ; لأَنَّهُ لَيْسَ بِأَكْثَرَ مِنْ الْمُرْتَدِّ وَفِي اسْتِتَابَةِ الْمُرْتَدِّ قَوْلانِ , ( أَحَدُهُمَا ) : ثَلاثَةُ أَيَّامٍ , ( وَالثَّانِي ) يُسْتَتَابُ فِي الْحَالِ فَإِنْ تَابَ وَإِلا قُتِلَ , وَكَيْفَ يُقْتَلُ ؟ الْمَنْصُوصُ أَنَّهُ يُقْتَلُ ضَرْبًا بِالسَّيْفِ . وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ لا يُقْصَدُ قَتْلُهُ لَكِنْ يُضْرَبُ بِالْخَشَبِ وَيُنْخَسُ بِالسَّيْفِ حَتَّى يُصَلِّيَ أَوْ يَمُوتَ كَمَا يُفْعَلُ بِمَنْ قَصَدَ النَّفْسَ أَوْ الْمَالَ , وَلا يُكَفَّرُ بِتَرْكِ الصَّلاةِ ; لأَنَّ الْكُفْرَ بِالاعْتِقَادِ , وَاعْتِقَادُهُ صَحِيحٌ , فَلَمْ يُحْكَمْ بِكُفْرِهِ , وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ يُكَفَّرُ بِتَرْكِهَا لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم " بَيْنَ الْكُفْرِ " وَالْعَبْدِ تَرْكُ الصَّلاةِ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ " وَالْمَذْهَبُ الأَوَّلُ وَالْخَبَرُ مُتَأَوَّلٌ . )
----------
( المجموع للنووي )
( فَرْعٌ ) فِي مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِيمَنْ تَرَكَ الصَّلاةَ تَكَاسُلا مَعَ اعْتِقَادِهِ وُجُوبَهَا فَمَذْهَبُنَا الْمَشْهُورُ مَا سَبَقَ أَنَّهُ يُقْتَلُ حَدًّا وَلا يُكَفَّرُ , وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالأَكْثَرُونَ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ , وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : يُكَفَّرُ وَيُجْرَى عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُرْتَدِّينَ فِي كُلِّ شَيْءٍ , وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَهُوَ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ وَبِهِ قَالَ مَنْصُورٌ الْفَقِيهُ مِنْ أَصْحَابِنَا كَمَا سَبَقَ . وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَالْمُزَنِيُّ لا يُكَفَّرُ وَلا يُقْتَلُ بَلْ يُعَزَّرُ وَيُحْبَسُ حَتَّى يُصَلِّيَ , وَاحْتُجَّ لِمَنْ قَالَ بِكُفْرِهِ بِحَدِيثِ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : { إنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلاةِ } " رَوَاهُ مُسْلِمٌ بِهَذَا اللَّفْظِ , وَهَكَذَا الرِّوَايَةُ " الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ " بِالْوَاوِ , وَفِي غَيْرِ مُسْلِمٍ " الشِّرْكِ أَوْ الْكُفْرِ " وَأَمَّا الزِّيَادَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ وَهِيَ قَوْلُهُ : ( فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ ) فَلَيْسَتْ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ مِنْ الأُصُولِ . وَعَنْ بُرَيْدَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : { الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الصَّلاةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيِّ . قَالَ التِّرْمِذِيُّ : حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَعَنْ شَقِيقِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعُقَيْلِيِّ التَّابِعِيِّ الْمُتَّفَقِ عَلَى جَلالَتِهِ قَالَ : " كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم لا يَرَوْنَ شَيْئًا مِنْ الأَعْمَالِ تَرْكُهُ كُفْرٌ غَيْرَ الصَّلاةِ " رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي كِتَابِ الإِيمَانِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَاحْتَجُّوا بِالْقِيَاسِ عَلَى كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ . وَاحْتُجَّ لأَبِي حَنِيفَةَ وَمُوَافِقِيهِ بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : { لا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلا بِإِحْدَى ثَلاثٍ : الثَّيِّبُ الزَّانِ وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ } رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَهَكَذَا الرِّوَايَةُ " الزَّانِ " وَهِيَ لُغَةٌ وَاللُّغَةُ الْفَاشِيَةُ الزَّانِي بِالْيَاءِ , وَبِالْقِيَاسِ عَلَى تَرْكِ الصَّوْمِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَسَائِرِ الْمَعَاصِي وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا عَلَى قَتْلِهِ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : { اُقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ } إلَى قوله تعالى : { فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ } , وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : { أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لا إلَهَ إلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ } رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَبِحَدِيثِ { نُهِيتُ عَنْ قَتْلِ الْمُصَلِّينَ } وَبِالْقِيَاسِ عَلَى كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ . وَاحْتَجُّوا عَلَى أَنَّهُ لا يُكَفَّرُ لِحَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : { خَمْسُ صَلَوَاتٍ افْتَرَضَهُنَّ اللَّهُ , مَنْ أَحْسَنَ وُضُوءَهُنَّ وَصَلاهُنَّ لِوَقْتِهِنَّ وَأَتَمَّ رُكُوعَهُنَّ وَخُشُوعَهُنَّ كَانَ لَهُ عَلَى اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ , وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَيْسَ لَهُ عَلَى اللَّهِ عَهْدٌ إنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ } حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ , وَبِالأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الْعَامَّةِ كَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم : { مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنْ لا إلَهَ إلا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَشْبَاهُهُ كَثِيرَةٌ , وَلَمْ يَزَلْ الْمُسْلِمُونَ يُوَرِّثُونَ تَارِكَ الصَّلاةِ وَيُوَرَّثُونَ عَنْهُ , وَلَوْ كَانَ كَافِرًا لَمْ يُغْفَرْ لَهُ وَلَمْ يَرِثْ وَلَمْ يُورَثْ . وَأَمَّا الْجَوَابُ عَمَّا احْتَجَّ بِهِ مَنْ كَفَّرَهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَبُرَيْدَةَ وَرِوَايَةِ شَقِيقٍ فَهُوَ أَنَّ كُلَّ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ شَارَكَ الْكَافِرَ فِي بَعْضِ أَحْكَامِهِ , وَهُوَ وُجُوبُ الْقَتْلِ . وَهَذَا التَّأْوِيلُ مُتَعَيِّنٌ لِلْجَمْعِ بَيْنَ نُصُوصِ الشَّرْعِ وَقَوَاعِدِهِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا , وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ فَمَتْرُوكٌ بِالنُّصُوصِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا , وَالْجَوَابُ عَمَّا احْتَجَّ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ أَنَّهُ عَامٌّ مَخْصُوصٌ بِمَا ذَكَرْنَاهُ , وَقِيَاسُهُمْ لا يُقْبَلُ مَعَ النُّصُوصِ , فَهَذَا مُخْتَصَرُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَسْأَلَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ .


Tidak ada komentar:

Posting Komentar

Catatan: Hanya anggota dari blog ini yang dapat mengirim komentar.