الكتاب : المجموع شرح المهذب
المؤلف : أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى : 676هـ)
* (فرع) يشترط في كون السفر مرحلتين ان
يكون بينه وبين المقصد مرحلتان فلو قصد موضعا بينه وبينه مرحلة بنية ان لا يقيم
فيه لم يكن له القصر لا ذاهبا ولا راجعا وان كان له مشقة مرحلتين متواليتين لانه
لا يسمي سفرا طويلا وحكي الرافعي أن الحناطي حكى وجها
انه يقصر والصواب الاول وبه قطع الاصحاب والله اعلم
*(فرع) في مذاهب العلماء في المسافة
المعتبرة لجواز القصر: قد ذكرنا أن مذهبنا أنه يجوز
القصر في مرحلتين وهو ثمانية وأربعون ميلا هاشمية ولا يجوز في أقل من ذلك وبه قال
ابن عمر وابن عباس والحسن البصري والزهرى ومالك والليث بن سعد واحمد واسحق وأبو
ثور وقال عبد الله ابن مسعود وسويد بن غفله - بفتح الغين المعجمة والفاء - والشعبي
والنخعي والحسن بن صالح والثوري وأبو حنيفة لا يجوز القصر إلا في مسيرة
ثلاثة أيام وعن أبى حنيفة أنه يجوز في يومين وأكثر الثالث وبه قال أبو يوسف ومحمد وقال الاوزاعي وآخرون يقصر في مسيرة يوم تام قال ابن المنذر
وبه أقول
وقال داود يقصر في
طويل السفر وقصيره قال الشيخ أبو حامد حتى قال لو
خرج إلى بستان خارج البلد قصر
* واحتج لداود باطلاق
الكتاب والسنة جواز القصر بلا تقييد للمسافة وبحديث يحيى بن مزيد قال سألت أنسا عن
قصر الصلاة فقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا خرج ثلاثة أميال أو
ثلاثة فراسخ صلى ركعتين " رواه مسلم وعن خبير بن نفير قال خرجت مع شرحبيل بن
السمط إلي قرية على رأس سبعة عشر أو ثمانية عشر ميلا فصلي ركعتين فقلت له فقال
رأيت عمر صلي بذى الحليفة ركعتين فقلت له فقال افعل كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل رواه مسلم
* واحتج لمن شرط ثلاثة أميال بحديث بن
عمر أن النبي صلي الله عليه وسلم " قال لا تسافر امرأة ثلاثا إلا ومعها ذو
محرم " رواه البخاري ومسلم ورواه مسلم كذلك من رواية أبى سعيد الخدرى وذكروا
مناسبات لا اعتماد عليها
واحتج أصحابنا بروايه عطاء بن أبى رباح أن ابن عمر وابن عباس كانا
يصليان ركعتين ويفطران في أربعة برد فما فوق ذلك رواه البيهقى
باسناد صحيح وذكره البخاري في صحيحه تعليقا بصفة جزم فيقتضي صحته عنده كما قدمناه
مرات وعن عطا قال سئل بن عباس " أأقصر الصلاة إلى عرفة فقال لا ولكن إلى
عسفان والي جدة والى الطائف " رواه
الشافعي والبيهقي باسناد صحيح وروى مالك باسناده الصحيح في الموطأ عن ابن عمر انه
قصر في أربعة برد:
وأما الحديث الذى رواه الدار قطني
والبيهقي عن اسماعيل بن عياش عن عبد الوهاب بن مجاهد عن ابيه وعطا عن ابن عباس عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال " يا اهل مكة لا تقصروا الصلاة في أقل من اربعة
برد من مكة " فهو حديث ضعيف جدا لان عبد الوهاب مجمع علي شدة ضعفه واسماعيل
ايضا ضعيف لا سيما في روايته عن غير الشاميين: والجواب
عما احتج به أهل الظاهر من اطلاق الآية والاحاديث أنه لم ينقل عن النبي صلي الله
عليه وسلم القصر صريحا في دون مرحلتين وأما حديث انس فليس معناه أن غاية سفره كانت
ثلاثة أميال بل معناه انه كان إذا سافر سفرا طويلا فتباعد ثلاثة اميال قصر وليس
التقييد بالثلاثة لكونه لا يجوز القصر عند مفارقة البلد بل لانه ما كان يحتاج الي
القصر الا إذا تباعد هذا القدر لان الظاهر انه صلي الله عليه وسلم كان لا يسافر
عند دخول وقت الصلاة الا بعد أن يصليهما فلا تدركه الصلاة الاخرى الا وقد تباعد عن المدينة: وأما حديث
شرحبيل وقوله أن عمر رضي الله عنه صلي بذى الحليفة ركعتين فمحمول على ما ذكرناه في
حديث أنس وهو أنه كان مسافرا إلى مكة أو غيرها فمر بذى الحليفة وادركته الصلاة
فصلي ركعتين لا أن ذا الحليفة غاية سفره: وأما الجواب عما احتج به القائلون
باشتراط ثلاثة أيام فهو أن الحديث الذى ذكروه ليس فيه أن السفر لا ينطلق الا علي
مسيرة ثلاثة أيام وانما فيه أنه لا يجوز للمرأة ان تسافر بغير محرم هذا السفر
الخاص ويدل على هذا أنه ثبت عن ابى سعيد رواية أنه قال قال رسول الله صلي الله
عليه وسلم " لا تسافر المرأة يومين الا ومعها زوجها أو ذو محرم " رواه البخاري ومسلم وعن
أبي هريرة قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم " لا يحل لامرأة تؤمن بالله
واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة وليس معها حرمة " رواه البخاري ومسلم
وفى رواية لمسلم مسيرة يوم وفى رواية له ليلة وفى رواية أبى داود لا تسافر بريدا
ورواه الحاكم وقال صحيح الاسناد قال البيهقى وهذه الروايات الصحيحة في الايام
الثلاثة واليومين واليوم
صحيحة
وكأن النبي صلي الله عليه وسلم سئل عن المرأة تسافر ثلاثا بغير محرم فقال لا وسئل
عن سفرها يومين بغير محرم فقال لا وسئل عن يوم فقال لا فادى كل منهم ما حفظ ولا
يكون شئ من هذا حدا للسفر يدل عليه حديث ابن عباس سمعت رسول الله صلي الله عليه
وسلم يقول " لا يخلون رجل بامرأة ولا تسافر امرأة الا ومعها ذو محرم "
رواه البخاري ومسلم هذا كلام البيهقى فحصل أن النبي صلي الله عليه وسلم لم يرد
تحديد ما يقع عليه السفر بل اطلقه علي ثلاثة أيام وعلي يومين وعلي يوم وليلة وعلي
يوم وعلى ليلة وعلى بريد وهو مسيرة نصف يوم فدل علي أن الجميع يسمي سفرا والله
اعلم
الكتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة
المصابيح
المؤلف
: الملا على القاري
وحكي
عن الشافعي جواز القصر في القصير إذا كان في الخوف لكن علق في الأم القول به على
صحة حديث أنه عليه الصلاة والسلام قصر بذي قرد لكن على تقدير صحته واقعة حال تحتمل
أن مقصده عليه الصلاة والسلام كان أبعد وعرض له رجوع منها والله أعلم
Tidak ada komentar:
Posting Komentar
Catatan: Hanya anggota dari blog ini yang dapat mengirim komentar.